تلقّى العرب الكتابة وهي على حالة من البداوة الشديدة، ولم يكن لديهم من أسباب الاستقرار ما يدعو إلى الابتكار في الخط الذي وصل إليهم، ولم يبلغ الخط عندهم مبلغ الفن إلا عندما أصبحت للعرب دولة تعددت فيها مراكز الثقافة ونافست هذه المراكز بعضها بعضاً على نحو ما حدث في الكوفة والبصرة والشام ومصر؛ فاتجه الفنان المسلم للخط يحسّنه ويجوّده ويبتكر أنواعاً جديدة منه.
وقد كان العرب يميلون إلى تسمية الخطوط بأسماء إقليمية لأنهم استجلبوها من عدة أقاليم فنسبوها إليها مثلما تنسب السلع إلى أماكنها؛ لذلك عُرف الخط العربي قبل عصر النبوة بالنبطي والحيري والأنباري، لأنه جاء إلى بلاد العرب مع التجارة من هذه الأقاليم. وعندما استقرّ الخط العربي في مكة والمدينة وبدأ ينتشر منها إلى جهات أخرى عُرف باسمَيهما المكي والمدني.
إلا أن الخط العربي لم يقدّر له أن ينال قسطاً من التجديد والإتقان إلا في العراق والشام، بعد أن فرغ المسلمون إلى التجويد والإبداع فيه بعد أن فتح الله ... “مختارات رهيبة من الشاحنات الحديثة”